الأولى و الأخيرة

رحلته ضربت اقتصاد المنطقة

منسا موسي .. ملك الذهب الأفريقي وصاحب أشهر رحلة حج في التاريخ

موقع الصفحة الأولى

اعتبر المؤرخون أن رحلة حج الإمبراطور موسي أو منسا موسي حاكم مالي لمكة المكرمة هي أشهر رحلة حج عرفها التاريخ بعد عصر النبي صلي الله عليه وسلم والصحابة الكرام.
احتل منسا موسي عرش مالي في الفترة من عام 1312 إلى 1337ميلادية باسم مانسا، وهو لقب يعادل الملك أو الإمبراطور والذي يُعرف عمومًا باسم مانسا موسى.
امتدت سلطته ونفوذه عبر معظم غرب إفريقيا فقد حكم المنطقة التي تشغلها الان دول موريتانيا والسنغال وغامبيا وغينيا وبوركينا فاسو ومالي والنيجر وتشاد ونيجيريا، وشملت أراضٍ ذات ثروة كبيرة ومتنوعة، بما في ذلك ثلاثة من أكبر رواسب الذهب في العالم، فبحسب بعض المؤرخين كان بإمكانه حرفيًا الحصول على القدر الذي يرده من المال وقتما شاء، ولهذا يعتبر الملك موسى أغنى شخص عرفه التاريخ.
ووفقا لبعض التقديرات فإن ثروة منسا موسي تقدر اليوم بنحو 400 مليار دولار أمريكي، وهو المبلغ الذى يتفوق به علي كل مليارديرات العالم في الوقت الحالي، بما في ذلك عائلة روتشيلد، التي تمتلك حوالي 350 مليار دولار.


رحلة الحج التاريخية 


كان الملك منسا موسى مسلمًا متدينًا جدًا، ولكنه أيضًا حاكم ماكر لم يتردد في استخدام هذا الالتزام الإيماني كمناورة دعائية له ولمملكته.

اشتهر أثناء الحج إلى  مكة عام 1324ميلادية، فوفقا لبعض المصادر التاريخية، كانت حاشية الإمبراطور المالي تتألف من 60 ألف مرافق و 12 ألف عبد، يرتدون ملابس حريرية ويحملون صولجانًا من الذهب، كانوا يصطحبون ما بين 80 و 100 من الجمال المحملة بالذهب على طول الطريق، وزع الصدقات السخية على الفقراء وعند وصوله إلى القاهرة، وزع الكثير من الذهب على الناس مما أدى إلى انخفاض سعره وتسبب في تضخم استمر أكثر من عقد من الزمان.
جعلت الرحلة قصة ثروته تصل إلى آذان الأوروبيين الذين جاؤوا ليروا ما إذا كان ما قيل حوله صحيحًا فعلا.
بعد تأكيد ذلك، أُدرجت مملكة مالي وملكها في أهم خريطة في ذلك الوقت الأطلس الكتالوني، والتي غطت العالم المعروف للأوروبيين في القرن الرابع عشر.
كانت شهرة مانسا موسي هي التي عبرت حدود العالم الإسلامي في نهاية القرن الرابع عشر، مثله اليهودي الميجوراني كريسك أبراهام في كتابه الشهير “أطلس كاتالان”، وهو مجموعة من الخرائط التي تمثل العالم بأسره.
ولكن على الرغم من كونه أحد أشهر الشخصيات في التاريخ الأفريقي في العصور الوسطى، إلا أنه لا يُعرف عنه سوى القليل نسبيًا.

المقريزي وابن خلدون


أقرب المصادر إليه هو المؤرخ المصري المقريزي والمفكر الأندلسي ابن خلدون الذي كتب بعد عدة عقود من وفاته عام 1337 واستند إلى روايات لأشخاص رأوه، لذلك من الصعب تحديد مقدار ذلك.
وجاءت شهرته الواسعة في التاريخ عبر رحلته للحج، مصطحبا معه جيشه وحاشيته الذين يحملون كميات ضخمة من الذهب، في رحلة قطع خلالها أكثر من أربعة آلاف ميل، واستغرقت قرابة العام، وعاد محملا بالكتب التي حولت تمبكتو عاصمة مالي إلى عاصمة للفقه والثقافة والعلم في غرب أفريقيا.
وبحسب كتب التاريخ، كانت مالي من أعظم الممالك وأغناها في أفريقيا في الفترة الممتدة ما بين 1235 حتى عام 1464ميلادية، ويصفها فيلب وولني  في كتابه "اكتشاف امبراطورية مالي" بأنها واحدة من أكبر الإمبراطوريات التي عرفها العالم على الإطلاق في العصور الوسطى.
و منسا موسي هو الملك العاشر لمالي وتولى الحكم عقب فقدان أخيه الملك "أبو بكر الثاني" الذي خرج بأسطول بعد عام من توليه السلطة لاستكشاف المحيط الأطلنطي، ونشر الإسلام في البلاد التي تقع خلف ذلك المحيط، لكنه لم يعد من رحلته، وتذهب بعض الآراء أنه وصل إلى شواطيء أمريكا قبل كولومبوس بمائتي عام، وأن السكان الأصليين في أمريكا تعلموا منه صهر الذهب.
ومنذ ذلك الحين أصبحت شخصيته أقرب للأسطورة التي نسج الخيال حولها كثيرا من القصص والحكايات، لذا جاء المثل الإنجليزي الشهير: حتى جواهر منسا موسى، لا تستطيع إسعاده.


موسي في المكتبة الغربية


وقد أغرت شخصية منسا موسي ، خيال الغربيين حتى الوقت الحاضر للكتابة عنه، سواء باستعراض سيرته وتاريخ مملكته، وانجازاته طوال سنوات حكمه، أو رحلته للحج والكميا الهائلة من الذهب التي أنفقها، أو باستلهام شخصيته في مجال الرواية وأدب الأطفال، فقد كانت عاصمته تمبكتو تفوق لندن ثراءا واتساعا، هذا ما يؤكده جيمس أوليفر في كتابه "منسا موسى وإمبراطورية مالي"، فيؤكد أن منسا موسى قاد إمبراطوريته إلى العصر الذهبي، وكان الحج هو الذي لفت انتباه العالم والأوروبيين إلى أفريقيا، وذهبها وثرائها الكبير.
وفي كتابها " منسا موسى : زعيم مالي"  تقدم  ليزا زاموسكي، سيرة مصورة عن ذلك الملك مدعومة بالخرائط التي تثرى خيال الأطفال وتشجعهم على  القراءة، وتحدث الكتاب عن رحلته للحج، وعن مكة المكرمة، أما كتاب "منسا موسى أغنى ملك أفريقي" فهو كتاب مصور للأطفال من خمسين صفحة، يقدم قصته مدعومة بمعلومات حقيقية، لكن في أسلوب ممتع، وكان الهدف من الكتاب تقديم شيء واقعي وشيق يشجع الصغار على القراءة ويثري خيالهم، وكذلك جاءت قصة منسا موسى.. أغنى رجل في التاريخ، لـ مايك ماكرو وقد استثمر المؤلف الحياة الثرية لذلك الامبراطور ليقدمه للأطفال في صور مشوقة، ليكشف جانبا من ثراء الأفارقة المسلمين، وربما تساهم مثل هذه القصص في تحطيم الكبرياء والعنصرية لدى كثير من الغربيين، الذين ينظرون باستعلاء إلى الثقافات الأخرى.

تم نسخ الرابط