و الأخيرة

رئيس التحرير
محمود الضبع
موقع الصفحة الأولى

إستضافت القاهرة اليوم السبت أول فبراير 2025/ اجتماعا لوزراء خارجية 5 دول عربية مصر والسعودية وقطر والإمارات والأردن، إضافة إلى أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حسين الشيخ، والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط..لبحث تطورات الأوضاع بالمنطقة، وتثبيت وقف إطلاق النار بقطاع غزة، ودعم الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بعد قرار الحكومة الإسرائيلية بحظر أنشطتها في الضفة الغربية والأراضي المحتلة والقدس الشرقية، ما يعكس الأبعاد الإنسانية والسياسية لهذه القضية.. خاصة مع تعرض الضفة الغربية لحرب إبادة جماعية مماثلة لما حدث في غزة، والتي أدت لارتفاع عدد الشهداء إلى استشهاد 895 شهيداً، وحصار محافظات الضفة بـ 898 حاجزا عسكريا وبوابة حديدية منذ السابع من أكتوبر 2023 وحتى الآن.. وأيضاً بحث مقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن تهجير سكان قطاع غزة لمصر والأردن، وكان مبعوث ترامب قد التقى قبل أيام بالرياض بولي العهد السعودي ووزير خارجيته وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، كما قال وزير الخارجية الأمريكي في تصريح صحفي / أمس الجمعة/ أنه ناقش مع نظيره السعودي مقترح ترامب.

 ترامب يؤكد "مصر والأردن سيفعلون"  

الاجتماع يأتي بعد طرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نقل فلسطينيي غزة إلى مصر والأردن، وهو ما قوبل برفض القاهرة وعمان، إلى جانب أطراف عربية ودولية.. وتجديد ترامب لتصريحاته أمس الجمعة، وتأكيده في مؤتمر صحفي بمكتبه بالبيت الأبيض أن الأردن والقاهرة ستنفذان مقترحه الخاص باستقبال الفلسطينيين بقطاع غزة رغم إعلان رفضهما التهجير القسري للشعب الفلسطيني، وقال ترامب للصحفيين بكل ثقة "سيفعلون ذلك. نحن نفعل الكثير من أجلهم، وسيفعلون ذلك".
تصريحات ترامب من مكتبه بواشنطن تزامنت مع تظاهر ألاف المصريين أمام معبر رفح والسياج الحدودي بين مصر وفلسطين برفض التهجير القسري أو الطوعي لأهالي قطاع غزة، وتأييداً لتصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي بادر بالرد على المقترح الترامبي برفض الفكرة جملة وتفصيلاً، مؤكداً أن ترحيل الشعب الفلسطيني وتهجيره هو ظلم لا يمكن أن نشارك فيه.. كما لا يمكن أبدا التنازل عن ثوابت الموقف المصري التاريخي للقضية الفلسطينية، القائمة على إقامة الدولة الفلسطينية والحفاظ على مقومات تلك الدولة وبالأخص شعبها وإقليمها.. فيما أكد الملك عبد الله الثاني على موقف الأردن الراسخ بضرورة تثبيت الفلسطينيين على أرضهم ونيل حقوقهم المشروعة، وفقا لحل الدولتين.
تصريحات ترامب والموقف الشعبي المصري والاجتماع العربي بالقاهرة يأتي قبل 72 ساعة من الآن، حيث يلتقي الرئيس الأمريكي يوم الثلاثاء المقبل/ الرابع من فبراير الجاري/ رئيس حكومة الاحتلال بواشنطن وسيعقد معه اجتماعين لبحث استئناف الصفقة، وبالتأكيد مناقشة خطة التهجير، التي دعا لها ترامب بعد يوم واحد من تنصيبه (الذي تم في 20 يناير 2025) إذ قال يجب إعادة بناء غزة بطريقة مختلفة فهي مثيرة للاهتمام، نظراً لموقعها الرائع والمثير على البحر، ومن الممكن إقامة مشروعات رائعة بها مثل أعظم ملعب للجولف على وجه الأرض، ومنتجعات فاخرة على شاطئها..

عمال غزة يهجرون لقطر 

ترامب قال إن المنطقة التي تضم غزة تشهد العديد من الصراعات على مدى قرون، والحل في إعادة التوطين، وذلك هو يفضل أن يشارك بعض الدول العربية ببناء مساكن في موقع مختلف، حيث يمكنهم العيش في سلام من أجل التغيير، فضلاً عن أن القطاع بات أرض مهدمة وفي حاجة للتنظيف وإعادة الإعمار. 
المشروع الترامبي يتضمن استقبال قطر عمال غزة، وفي ذلك السياق قال "لقد عملت أن قطر، يبلغ عدد مواطنيها 300 ألف نسمة ونحو ثلاثة ملايين عامل أجنبي، وهي كوسيط في مفاوضات الرهائن، يمكنها أيضاً أن تساعد في إيجاد حل للصراع باستقبال عمال غزة بدلاً من تمويل الإرهاب.. أما الأردن فهو بالفعل موطن لعدة ملايين من الفلسطينيين.

 سيناء هي الحل.. والسعودية تدفع

ووفقا للنظرية الترامبية فإن سيناء هي أفضل الحلول وأمثلها لأهالي غزة، فوفقاً لمقال الرئيس السابق لمكتب المعهد الدولي لمكافحة الإرهاب في واشنطن يارون شوارتز بصحيفة "جيروزالم بوست" الإسرائيلية لشرح النظرية، فإن شبه جزيرة سيناء تمثل حلاً جيوسياسي وإنساني لمن ينظرون للمشكلة الفلسطينية والسلام الإقليمي كقضية عقارية، كما أنها قادرة على حل القضية لعقود، وجلب السلام والأمن للمنطقة بتوفير الأمان لسكان غزة، فضلا عن كونها فرصة لمصر لحل تعثرها الاقتصادي.
سيناء وفقا لشرح شوارتز للنظرية الترامبية، مساحتها أكثر من 60 ألف كيلو متر مربع، وهي أكبر من مساحة غزة 165 مرة وأكثر من ضعف مساحة إسرائيل، ويسكنها 600 ألف نسمة يمثلون ثلث سكان غزة، كما أن ساحل شمال سيناء المطل على البحر الأبيض المتوسط يعد واعداً ، حيث يتميز بوفرة موارد المياه الجوفية، كما شهد شمال غرب سيناء، شرق قناة السويس، استثمارات مصرية كبيرة في التنمية الزراعية، بما في ذلك أنظمة قنوات المياه العذبة وتطوير البنية الأساسية الشاملة التي تشمل شبكة من الطرق والطرق السريعة التي تربط سيناء بالبر الرئيسي في مصر عبر الأنفاق التي تمر تحت قناة السويس.. وبفضل هذه البنية الأساسية، يمكن أن تصبح شمال سيناء موقعاً مثالياً لتنمية مجتمعات جديدة لسكان غزة.. مما يعود بالنفع على التحديات الاقتصادية التي تواجه مصر والمخاوف الأمنية التي تواجه إسرائيل.
ويمكن تحقيق ذلك الهدف في وقت قياسي من خلال تمويل دولي أو من قبل المملكة العربية السعودية بشراء قطع كبيرة من الأراضي لتوزيعها على أهالي غزة كتعويضات لتهجيرهم بسعر أعلى من القيمة السوقية، وقد سبق _ وفقا لشوارتز _ أن أشترت السعودية من مصر في عام 2017 جزيرتي تيران وصنافير في البحر الأحمر، مما وفر للحكومة المصرية إغاثة اقتصادية.. ومن المؤكد أن مصر، التي تعاني حالياً من عجز في الميزانية السنوية يبلغ 12 مليار دولار، ومعدل تضخم يبلغ 12%، ومعدل بطالة يبلغ 7.5%، قد تستفيد من صفقة مماثلة.. ثم أن ذلك النهج سيوفر لها أيضاً مزايا جيوسياسية كبيرة كالاعتراف الدولي بقدرتها على معالجة أزمة غزة وتسهيل تحقيق هدفها الطويل الأجل المتمثل في تنمية سيناء.. لذلك يقول ترامب "أود أن تستقبل مصر سكان غزة.. أنت تتحدث عن مليون ونصف المليون شخص على الأرجح، ونحن نقوم فقط بتنظيف هذا الأمر برمته ونقول، "كما تعلمون، لقد انتهى الأمر".

 إيران على خط رفض التهجير

ووفقا لافتتاحية صحيفة "جيروزالم بوست" لقد بدأت لعبة الكراسي الموسيقية الجغرافية، ففي الوقت الذي يعتقد فيه ترامب ضرورة أن تستقبل مصر والأردن وقطر الفلسطينيين من غزة بتمويل سعودي ودولي، دخلت إيران على الخط برفضها تهجير الشعب الفلسطيني وأنه يجب نقل الإسرائيليين إلى جزيرة جرينلاند، وذلك ما قاله وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي لقناة سكاي نيوز البريطانية يوم الثلاثاء 28 يناير 2025، وبذلك يحقق ترامب هدفين بحجر واحد، وهما حل مشكلة إسرائيل وجرينلاند.. كما أكد المرشد الأعلى علي خامنئي رفض بلاده تهجير الشعب الفلسطيني.. ويبقى السؤال إلى أين المطاف؟

تم نسخ الرابط