علينا ونحن نقترب من قرب نهاية الطريق أن نتوقف عند المحطات الأساسية؛ التي شكلت معالمه و أوضحت تجلياته؛ هناك بدايات عديدة يمكن أن نهتدي بها؛ إلا أن الجامعة، وجامعة القاهرة تحديدًا و أساتذتنا وهم خير الزاد في الطريق لا يمكن أن ننسي فضل أيا منهم، وهو ما أوردناه في كتابنا الأخير "الفلسفة في مصر" وأن كان العون الأكبر يرجع أنهم جميعًا والذي تجلي خاصة يحيي هويدي وتوفيق الطويل من وجهاني للتخصص، إلا أنني لا استثني منهم أحدا.
كان امكانية اختيارات متعددة للتخصص؛ كلها تتساوي لكننا شغلنا منذ التخرج بالفلسفة الحديثة والمعاصرة وفلسفة القيم و الأخلاق. كان الاهتمام الأكبر بعد التخرج والانتهاء من الماجستير والدكتوراه والانشغال بالتدريس بالتفلسف الذي يسعي إلي تجاوز التقسيمات التقليدية لتاريخ الفلسفة وموضوعاته، فكانت الاختيارات الاولي تستطلع طرفًا غير ممهدة حول العلاقة الثلاثية بين الفلسفة العربية الاسلامية من جهة و الفكر العربي الحديث و المعاصر والانتاج الفلسفي العربي الراهن وهو ما تمثل في اصدارات ثلاثة؛ كانت البدايات التالية بعد الأطروحات الجامعية الأولي: " القيم في الواقعية الجديدة" في الماجستير والانسان والطبيعة في فلسفة فويرباخ".
وهي ثلاثة أعمال:
كان "لديكارتية في الفكر العربي المعاصر" دراسة أولي لعلاقتنا بـ الفلسفة الحديثة عند رائدها الأول ديكارت وكان العمل مهدي إلي فيلسوف مَزغونة ديكارت المصري عثمان أمين وهو عمل يندرج في إطار نظرية القراءة والتلقي التي سعت إلي استقبال ديكارت في العربية فكتب البعض تعليقًا وتحليلًا للعمل؛ وقراءة له وتفسيراً ووصفاً ونقداً، تحت عناوين مثل: ديكارتية وديكارتيون، لأستاذ مغربي وعنوان مغربي ثاني "ديكارتيون و لا ديكارتية" وظلت قضية النسخة والأصل و الاستقبال والتلقي مستمرة فيما كتبناه في العمل الثاني عن "الصوت والصدي: الأصول الاستشراقية لفلسفة بدوي الوجودية"؛ الذي كان بداية التحليل والتفكيك والنقد لكبار الفلاسفة العرب، عبدالرحمن بدوي الذي أطلق عليه الفيلسوف المؤسسة وكان العمل الثالث في هذه الفترة، هو بداية الاهتمام بالدراسات الأخلاقية التي ما زالت تستحوذ اهتمامنا الأكبر حتي اليوم؛ حيث نشرنا كتابنا "الأخلاق في الفكر العربي المعاصر"؛ الذي كان من نتائجه السعي اليوم نحو الإنجاز "الموسوعة العربية للنظريات الأخلاقية" ومحاولة تأسيس"علم الأخلاق المقارن" الذي ظهر في إطار مجموعة من الدراسات.
النظر في الفكر العربي المعاصر
كان الهدف من هذه المحاولات هو النظر في الفكر العربي المعاصر أو بعبارة أخري الفلسفة العربية المعاصرة بقصد ما أطلقنا عليه التأسيس والتجاوز؛ الذى يسعى للانتقال من النقل والتلقى إلى اللقاء والحوار. كان التفكير الفلسفي منهجًا لنا للعمل الجماعي التعاوني. خاصة فترة ازدهارها ما يسمي "المشاريع الفلسفية العربية" والسعي للجوار والحوار معها كيف والسبيل إلي ذلك؛ كان هناك عدة سبل في مقدمتها ضرورة وجود عدد من الجمعيات الفلسفية ذات الطابع البحثي أو تأسيس مجلة فلسفية في ظل غياب المجلات الجارة التي تنتهي وفق رغبة داعميها؛ فكانت المجموعة التي التقطت عدة لقاءات في آداب القاهرة للأعداد للاصدار المجلة وكان الدعم من الزملاء: السيد نفادي و هاني نسيرة و بدر مصطفي و ربما فؤاد السعيد؛ حيث أخرج كل فيهم لحظتها ما في جيبه لإصدار العدد الأول؛ الذي ظهر في نوفمبر2000 تحت عنوان"نيتشه الذكري المئوية الأولي لوفاته" وكان من شاركوا في هذا العدد كل من مراد وهبه"نيتشه وعلم اللاهوت" و حسن حنفي "نيتشه و ياسبرز" وعبدالوهاب المسيري"نيتشه فيلسوف العدمية الأكبر" وشارك عدد من الزملاء من لبنان: علي حمية و سعاد حرب ومن العراق علي الجابري وعدد من الزملاء المصريين المبدعين الواعدين: أشرف منصور، ماهر شفيق، أيمن أحمد.
كما كان العون من عدد من الأساتذة العرب الاعلام: ناصيف نصار وعادل ضاهر وعلي حمية من لبنان، حسام الالوسى من العراق فتحي التريكي من تونس؛ يوسف سلامة من سوريا عبدالرحمن بوقاف من الجزائر و غيرهم، ممن اضاءت بهم الصفحة الأولى من العدد الأول واستمروا فى دعم الأعداد التالية؛ صدر العدد "الثاني والثالث" في يناير يونيو2001 محتوياً على ملفين الأول حول جيل دولوز والثاني حول فتحي التريكي و شارك فيه عدد من الأساتذة من مصر والمغرب والجزائر وتونس. وكان هذا العمل تمهيد لعدة أعمال حول دولوز وفتحي التريكي، حيث حررنا كتاب"دولوز وسياسات الرغبة" الصادر في بيروت وعدد من الأعمال في إطار أوراق فلسفية حول فتحي التريكي؛ الذي أتاح لنا من خلال أنشطة مخبر "فيلاب" الفلسفة التواصل مع الزملاء في تونس وكنا قد كتبنا فصلًا حول فلسفته في التنوع في دراستنا جاك دريدا والتفكيك في الفكر العربي 1998 في كتاب قضايا فكرية؛ الذي كان يصدره الأستاذ محمود أمين العالم؛ ولعل اهتمام التريكي الكبير بالكتابة حول ميشيل فوكو؛ الذي درس بالجامعة التونسية؛ كان حاضرًا ونحن نقدم جيل دولوز الذي كتب كثيرًا عن القضية الفلسطينية في أعدادنا الأولي. فقد كان الأول فوكو كما يقص علينا ادوار سعيد الذي حضر اللقاء الذي دعا إليه سارتر عن الصراع العربي الاسرائيلي؛ أقرب إلي دعم ومساندة الكيان الصهيوني بينما كان دولوز مما شغلوا بالتحليل الفلسفى فى عدد دراسات كتبها عن الاستعمار الاستيطاني الاسرائيلي والمقاومة الفلسطينية و الحق الفلسطيني.
توالي الأعداد
وعلي هذا المنوال توالت الأعداد التالية؛ فظهر العدد الرابع والخامس معًا محتويًا علي ملفات ثلاثة تتناول أعمال و كتابات مفكر مصري هو يحيي هويدي و مفكر عربي هو علي أومليل و ثالث فرنسي هوجان فرانسو ليوتار؛ بينما خصصنا للفلسفة الألمانية عددين متتالين السادس والسابع، بعد تعاوننا مع الأستاذ التونسي محمد التركي؛ الذي كان له دور في إقامة تواصل بين الزملاء في تونس و أوراق فلسفية حيث كانت مشاركته معنا لأكثر من عشر أعداد فعالة مثمرة في التعرف و التعريف بجيل تونسي شاب هو الذي يشكل الفلسفة في تونس اليوم وله حضوره القوي خارجها.
جاء العدد الثامن يحتوي علي ملفات ثلاثة تتناول: بول ريكور فيلسوف المعني؛ أميرة مطر والجماليات والثالث حول الجزائري الشاب بختي بن عودة؛ الذي أسهمت أوراق فلسفية في تناول جهوده و ابداعاته التي أوقفها اغتياله في الجزائر أثناء العشرية المظلمة. بينما خصص العدد التاسع لأحد كبار الفلاسفة العراقيين إن لم يكن أكبرهم؛ حسام محي الدين الألوسي وملف للجزائري محمد أركون بينما شمل العدد العاشر دراسات في الهرمينوطيقا لنصر حامد أبو زيد ومني طلبة و عبدالعزيز العيادي وملف حول جادامر و أخر حول هابرماس.
ذكرى الفيلسوف كانط
ومع بداية السنة الرابعة من الالفية الثالثة ومع الاحتفال بالذكري المئوية الثانية لوفاة الفيلسوف كانط 2004 ؛ الذي نحتفل هذا العام 2024 بالذكري المئوية الثالثة لميلاده؛ أصدرنا مجلدًا ضخمًا يحتوي دراسات له و ترجمات بالعربية وعنه دراسات انجليزية من عدد من اساتذة الفلسفة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة؛ نذكر كل من رودلف ماكريل ووليم ميلاني و كلوديا بيكمان ومعهم المصرى أحمد عبد المجيد؛ الذى دعاهم للكتابة وترجمة بعض أعمالهم للعربية وكذلك مساهمات الزملاء من تونس: محسن الزراعي ورجاء العتيري ومحسن الخوني وفتحي المسكيني مع زملاء لبنانين ومغاربة وجزائريين.
ظهرت الأعداد التالية، وفق العناوين التالية؛ حول الجمالية والجماليات السينمائية العدد15 وجمع العدد التالي العدد 16 بين كل من جاك لاكان و مصطفي صفوان وهو العدد الذي أشرف عليه الزميل الدكتور حسين عبد القادر وتناول العدد السابع عشر كل إيمانويل ليفيناس الفينومينولوجي الفرنسي اليهودي وعادل ضاهر القومي السوري اللبناني ودار العدد التالي حول هيجل بمناسبة الذكري المئوية الثانية لظهور فينومينولوجيا الروح و الذي كان بداية إنشغالنا بهيجل في الفكر العربي وهو الموضوع الذي اسهمنا به في هذا العمل وهو ما تناوله بالتحليل محمد التريكي باللغة الألمانية مشيرًا لما أوضحناه أننا لم نتلقي هيجل مباشرة بل عبر فلاسفة أخرين قدماء ومحدثين وتوقفت عنده الأستاذة الإيطالية لوريلا فانتورا فى دراستها عن تلقى هيجل فى العالم العربى وقامت بتقديم كتابنا "نحن وهيجل: من صراع السيد والعبد – إلى جدل الاعتراف المتبادل" الذى اشتمل على هذه الدراسات وتحليلنا لحضور هيجل فى فكرنا وحضور فكرنا فى فلسفته. وقد خصصنا العددين التاليين عن عبدالوهاب المسيري من الحداثة الغربية والعدد 19 والثانى حول القراءة الاسلامية لكتاباته.
الفلسفة في البلاد العربية
وحتي لا نثقل علي القارئ باسماء وعناوين وموضوعات الاعداد التالية و المساهمين فيها يمكن أن نشير إلي عدد من التوجهات التي ظهرت خاصة بعد العقد الأول من الألفية الثالثة؛ فهناك مجموعة من الأعداد تناولت الفلسفة في البلدان العربية المختلفة مثل: الفلسفة المغربية و الفلسفة في الجزائر والفلسفة في الأردن وكذلك عن الصورة الراهنة للفلسفة فى الدول الغربية، الفلسفة في أسبانيا حيث أسهمت أوراق فلسفية في التعريف بشخصيات مهمة كانت غير معروفة حتي قامت الأوراق بالاهتمام بها بأشكال متعددة مثل: المستشرق ومؤرخ الفلسفة و الفيلسوف الأسباني ألكونت دي جلارزا؛ حيث تم بناء علي ذلك الاحتفال به فى مئوية جامعة القاهرة وألقينا محاضرات حوله وترجمت دراستنا عنه مترجمة للإسبانية والانجليزية.
ويرتبط بهذه السمة ويكملها إصدار عدة مجلدات مخصصة للفلاسفة العرب في تونس مثل: الأعداد التي أصدرناها حول هشام جعيط و فتحي التريكي كذلك عن ناصيف نصار عميد الفلاسفة في لبنان والعالم العربي وملفات مخصصة لكل من: محمد اركون؛ وحسام الألوسي وعبدالستار الراوي ومحمد عابد الجابري و هشام غصيب وعدة مجلدات حول حسن حنفي ومراد وهبه و ابو الوفا التفتازاني وعبدالوهاب المسيري؛ تلك هي أحد التوجهات لكن يهمنا الإشارة إلي عدد خاص صدر بعد رحيل ثلاثة مفكرين عرب هم اركون و الجابري و فؤاد زكريا، الذي نعتز بكون أوراق فلسفية أصدرت حول الأخير أحد ملفات العام؛ عام رحيل العقل العربي ، وهو فؤاد زكريا فيلسوفًا مصريًا بالألف واللام؛ وتستحق دراساته الفلسفية النقدية اهتمامًا كبيرًا منا هذه الأيام؛ لكونه فيلسوفا عربيا نقديا بالأصالة.
أوراق فلسفية
والسمة الثانية التي ميزت اتجاها واضحا في اصدارات أوراق فلسفية وظهرت فى اصدار أربعة مجلدات ضخمة تحت عنوان "موسوعة الفلاسفة العرب المعاصرين في القرن العشرين" علي امتداد الأقطار العربية خلال قرن من الزمان ربما تكون العمل الموسوعي الأول حول جهور هؤلاء الرواد.
ويمكن بيان السمة الثالثة في نفس توجه السمة الثانية و تتمثل في اصدارات مجموعة من الاعداد المتتابعة في اطار موسوعي؛ حيث ظهرت في العامين الأخيرين أربعة مجلدات مزدوجة كل منها عددين وإن كانت أعداداً إليكترونية وليست ورقية حول الموسوعة العربية للنظريات الأخلاقية؛ سواء في الحضارات والأديان الشرقية أو في النظريات الأخلاقية اليونانية؛ ثم الأخلاق الفلسفية الاسلامية؛ في التصوف علم الكلام وأصول الفقه؛ كما في الفكر العربي المعاصر ثم المجلد الخاص بالفلسفة الأوروبية الحديثة والغربية المعاصرة و تكتمل الموسوعة بالقضايا الأخلاقية الراهنة التي نحياها جميعًا.
وأقرب إلي نفس التوجه الموسوعي هناك توجه تأسيسي يتمثل في اصدار عدة أعداد متفرقة حول مناحي جديدة لم ننشغل بها بالقدر الكافي و ربما لم نشتغل بها من قبل هي الفلسفة الأفريقية؛ التي تنتمي إلينا وتنتمي إليها ولم تجد بعد مكاناً في الدراسة الأكاديمية في الجامعات العربية. ومن هنا كان الاهتمام بتاريخ ونشأة هذه الفلسفة و أهم توجهاتها و تياراتها المختلفة وعلاقتها بالفلسفة الغربية و اعلامها المؤثرين اليوم وقضاياها التي تتعلق بالدراسات الأخلاقية و السياسية من جانب وما بعد الكولولينالية من جانب اخر مما حفز عدد من الباحثين إلى التوجه في أطروحاتهم العلمية نحو دراسة هذه الفلسفة الراديكالية. وقد تم اصدار حوالي أربعة أعداد من أوراق فلسفية حولها علي امتداد السنوات الخمس الماضية وان كان أغلبها ترجمة للتعريف بالفلسفة الافريقية.
دراسة الفلسفة الغربية
لم يحل هذا التوجه موسوعيا كان أو عربيا أو افريقيا من دراسة الفلسفة الغربية من خلال أعلامها المؤثريين في العقود الثلاثة الأخيرة في الغرب خاصة فلاسفة الحداثة وما بعد الحداثة من الفرنسيين أو فلاسفة فرانكفورت الالمان او غيرهم من الفلاسفة و مؤرخي الفلسفة الأمريكية حيث خصصت لهم مجموعة من أعداد و يمكن أن نشير إلي أمثلة علي ذلك؛ فقد صدر أحد الأعداد كاملاً حول الفيلسوف الألماني كارل أتو ابل؛ استاذ هابر ماس و زميله أبرز أعلام الجيل الثالث من مدرسة فرانكفورت مثلما صدرت عدة ملفات شارك فيها العديد من اساتذة الفلسفة في الجزائر حول الفيلسوف الفرنسي جاك رينساير مثلما نشرنا مبكرا عددين أحدهما الفيلسوف الأمريكي ريتشارد رورتي و أخر حول مؤرخ الفلسفة الفيلسوف ليو شتراوس؛ هذا عدا أعداد خاصة عن الفلسفة الفرنسية المعاصرة، وعن الفلسفة الاسبانية و غيرها.
وماذا بعد، لقد عرضنا بعض العناوين للاعداد الأولي من أوراق فلسفية و اشرنا إلي عدة سمات تحدد التوجهات العامة و القضايا الأساسية التي شغلت المجلة والتي ما تزال تسعي للقيام بدورها؛ الذي لم ينجز بعد وهنا استعير عنوان مقال فيلسوف يهودي ألماني منحاز وجد صدي كبير في العالم الغربي كله وكذلك في عالمنا العربي يخطابه حول التواصل و أخلاق الحوار؛ صاحب "بيان مبادئ التضامن" مع زملائه وهو يورجن هابرماس؛ حيث وصف الحداثة بأنها مشروع لم ينجز بعد ونحن ما زلنا بعد كل هذه الأعوام نشعر أننا في بداية مهمتنا؛ نسعي إلي بلورة فكر عربي بديل مغاير للفكر الغربي، الذي اعتبرناه بديلاً عنا في حل قضايانا وتحليل غاياتنا و مخاطبة العالم نيابة عنا، كان سارتر هو من قام بهذا الدور ثم جارودي، وهابرماس واليوم علينا أن نكون أنفسنا نحلل أعمال هؤلاء، ونناقشهم ونضيف إليهم ونعبر عن قضايانا ونبدع فلسفتنا.
أن أهم أسباب ما نحن فيه هو أننا نفكر من خلال غيرنا ونتخذهم بديلاً عنا سواء مفكرينا القدماء أو فلاسفة الغرب المعاصرين، وهو أمر لايستند إلي ما نحياه من اشكاليات و تحديات؛ تقتضي أن يقوم المفكر بالدور المسئول عنه فهو حارس الوعي الوطني وهو طليعة الفكر وهو اطار القيم والفضائل وهو استاذ الأجيال الحالية والمقبلة التي لم توجد بعد.
الخطاب الفلسفي
الخطاب الفلسفي خريطة المستقبل و بوصلة الطريق إليه ومبدع آلياته ورائي غاياته و حافظ قيمه وليس للفيلسوف أن يتخلي عن هذا الدور أو ينيب فيه غيره و غياب الرؤية الفلسفية وتواري الخطاب الفلسفي لا يعوضه حضور أي خطاب مغاير دينيا كان ام سياسيا قانونيا كان أو اجتماعيا، فهل لنا أن نطرح السؤال عن غيابه ونسعي إلي حضوره وهو ما طرحته أوراق فلسفية فى أحد أعدادها المتميزة تحت عنوان "ما بعد المشاريع الفلسفية العربية" وهو ما يزال قيد التفكير ومن سعد الطالع أن هناك و في أقطار العرب؛ عدد من الاساتذة؛ الذين طرحوا السؤال وأكدوا عليه بعد حرب الإبادة الصهيونية؛ التي تمارسها اسرائيل على الفلسطينيين في غزة وهو ما علينا تأكيده والسعي إلي تحقيقه وأن نحرص عليه حرص الاتجاهات السائدة في أفريقيا و أسيا وأمريكا اللاتينية في اتجاهاتها ما بعد الكولولينالية، التي تبلورت من خلال جهود المنظر الفلسطيني ادوار سعيد والذي مهد له العربي أنور عبد الملك فيما كتبه عن الاستشراق في أزمة.
للفلسفة ارتباط وثيق بالتاريخ والمجتمع، أي أن أهل الفلسفة؛ المنخرطين في الفاعلية الانسانية الفلسفية؛ لهم هذا الارتباط العميق بزمنهم ووطنهم والواقع الانساني الذي يحيونه وهذا الارتباط ينطبق علي كل فاعلية فلسفية ومنها اوراق فلسفية بالتي تنبع اهتماماتها من الانسان العربي اليوم وفي هذه المنطقة من العالم التى ندرك جميعاً وترى ما يحدث فيها وبها وهو ما تراه وتحياه ولا يوجد ما يقال أكثر من ذلك؛ وهناك تفصيلات يصعب الحديث فيها وحولها لها مواضعها.