الأولى و الأخيرة

لهو وشرب وغناء

العيد في العصر الجاهلى.. مظاهر الاحتفالات قبل ظهور الإسلام بمكة المكرمة

موقع الصفحة الأولى

العيد فى العصر الجاهلي موضوع اهتم به المؤرخون‏ الذين اهتمو بدراسة مظاهر الاحتفال بالأعياد فى مختلف العصور والأزمنة، كما اهتم الدارسون للتاريخ وعلم الاجتماع بمظاهر الفرحة داخل المجتمعات خلال الاحتفال بالأعياد بوصفها يوما سنويا يحتفل به الناس في كل مكان، مع اختلاف الأسباب والدوافع.
ومن أبرز المجتمعات التي اهتم المؤرخون برصد مظاهر الاحتفالات في الأعياد بها، كان مجتمع العصر الجاهلى في مكة المكرمة قبل ظهرو الإسلام، ذلك المجتمع الذى عاش فيه النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه قبل الدعوة.


العيد في العصر الجاهلى


كانت الاحتفالات العامة فى العصر الجاهلى تقام بمكة المكرمة، فتضرب فيها الدفوف وتعزف المزامير، وقد اشتهر أهل مكة بالغناء منذ وقت مبكر، وكان للمترفين بمكة مجالس سمر، ينصبون لها الأرائك، ويمدون فيها الموائد، ويتفكهون بما طاب من ثمار الطائف، وكانوا يتخذون مجالس الشراب، ويستمعون فيها للشعر والقصص والغناء.
وقد حفلت العديد من مصادر الأدب بهذه الأخبار مثل كتاب العقد الفريد لابن عبدربه، وكتاب الأغانى للأصفهانى، بالعديد من المواضع التي تصف احتفالات اهل مكة بأعيادهم في عصر الجاهلية، حيث كانت هناك عدة احتفالات تقام فى الأسواق الموسمية المشهورة.
ففى مكة خلال العصر الجاهلي كان هناك سوق عكاظ، وسوق مجنة، وذى المجاز، حيث يجتمع الناس من الأعيان والشعراء للمفاخرة، فكانوا يتفاخرون بالنسب أو بالشرف أو بالخصال الحميدة كالكرم والجود والنجدة والمروءة، فيما عرف بشعر الفخر في مقابلة الهجاء. 
كما كان العربفى العصر الجاهلي يجتمعون فى تلك الأسواق للمنافرة، أى أنهم يتحاكمون فى النسب، كما حدث بين بنى أمية وبنى هاشم من منافرات مدونة فى مصادر الشعر العربى الجاهلى.
ومن مظاهر الاحتفالات لدى أهل مكة فى الجاهلية أيضا، كان خروج الناس إلى بعض الأماكن لمشاهدة الألعاب التى يمارسها فتيان مكة وشبابها، كما أنهم كانوا يجتمعون لمشاهدة رياضة السبق، وهو ما يكون بين الأفراس فى حلبات السباق، ومنها ما يكون بين الشباب كالجرى واستعراض فنون المبارزة بالسيف ورمى الرمح، وهى المظاهر التي استمرت معظمها خلال احتفالات المسلمين بعيد الفطر وعيد الأضحى بعد فتح مكة.


العيد في المدينة 


اما أهل المدينة كانوا فى العصر الجاهلي  يحتفلون بيومين عندهم، فضلا عن يوم السبت بوصفه يوما مقدسا عند يهود المدينة، الذى كان بمثابة عيد أسبوعى لمعظم اهل المدينة. 
فعن أنس رضى الله عنه قال: قدم النبى صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: قد أبدلكم الله تعالى بهما خيرًا منهما: يوم الفطر والأضحى. وكذلك عندما قدم النبى المدينة وجدهم يحتفلون بيوم عاشوراء. 
وعن ابن عباس رضى الله عنه قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يوم صالح، وهذا يوم نجى الله بنى إسرائيل من عدوهم، فصامه موسى.
قال: فأنا أحق بموسى منكم، فصامه. 
وهذا اليوم كان اليهود بالمدينة يجعلونه كالعيد، وكان أهل خيبر يُلبسون أبناءهم ونساءهم أحسن اللباس فى ذلك اليوم ويشترون الهدايا ويقيمون الاحتفالات.
ومع الإسلام تغيرت مفاهيم المسلمين نحو اللهو والاحتفالات، وأصبحت محاطة بسياج فقهى شرعى، كما ألغى الإسلام بعض الأعياد الجاهلية. 
كما كان الصيد من بين مظاهر الاحتفال بالأعياد فى العصر الجاهلي، ولكنه كان قاصرا على صيد غزال أو طائر بالنبل أو الفخ، فلما اختلط المسلمون بالروم والفرس بعد الفتوحات الإسلامية اقتبسوا منهم كثيرًا من طرق الصيد والقنص، فاتخذوا الجوارح من الطير، وهى الباز والشاهين والعقاب والصقر، وعلموها صيد الطير، واقتنى العرب الفهود والكلاب لصيد الغزلان وحمر الوحش.
أجاز الإسلام اللهو المباح، وجعل له ضوابط، وراعى العادات والتقاليد والأعراف، فتغيرت أفكار الناس الذين أسلموا، وبقدوم الإسلام، أصبح المسجد الحرام بمكة والمسجد النبوى بالمدينة المركزين الدينيين اللذين كان يجتمع فيهما المسلمون لأداء الصلوات تبادل التهانى والقصائد والشعر والمدح والرثاء، واستقبال وفود العرب.

تم نسخ الرابط