الأولى و الأخيرة

من مبارك وعبدالناصر وبوتفليقة إلى يلتسين وموجابي ومارجريت

تاريخ التنحي.. زعماء وملوك رحلوا عن السلطة بإرادتهم أو تحت التهديد

زعماء تنحوا عن السلطة
زعماء تنحوا عن السلطة

 للسلطة بريق لا يقاوم، وكثير ممن ذاقوه لم يتخلوا عنه بإرادتهم، ورفضوا التنحي عن كراسيهم، وأيضا، هناك العديد من قرارات التنحي التي اتخذها زعماء سياسيون، ملوك أو رؤساء جمهوريات أو حتى رؤساء حكومات، بترك السلطة والرحيل، طواعية أو مجبرين، تحت ضغوط مدنية أو عسكرية، ومنهم من ترك العرش لظروف صحية، ومنهم من رحل بعد اندلاع ثورات شعبية، أو احتجاجات حاشدة، أو حتى تدخل رجال الجيش لإجباره على الرحيل.

ومنهم من اشترط حصانة دائمة له ولأسرته بعد ترك الكرسي، ومنهم من شعر بعدم وجود الجديد الذي يقدمه لشعبه، ومنهم من أقسم بأن الرب وحده من يستطيع إزاحته عن الكرسي، ومنهم من رفض الشعب تنحيه وخرج في مظاهرات لإجباره على العودة إلى السلطة، وهي من الحالات القليلة في التاريخ، وربما تكون الحالة الوحيدة.

 

 

مارجريت الثانية ملكة الدنمارك

كان آخر من قرر التنازل عن العرش طواعية، الملكة مارجريت الثانية ملكة الدنمارك، والتي قررت التنحي ووقعت مرسوما تاريخيا بذلك في 14 يناير 2024، ليجلس ابنها فريدريك العاشر على العرش مكانها.

ومارجريت الثانية، 83 عاما، أول ملكة دنماركية تتخلى عن العرش بشكل طوعي منذ حوالي 900 عام، عندما تنحي الملك إريك الثالث لام كي يدخل الدير عام 1146.

وظلت مارجريت، أطول ملوك أوروبا حكمًا بقاء على العرش وآخر ملكة في العالم، لتعلن قراراها بإنهاء ولايتها التاريخية بعد 52 عامًا، لأسباب صحية، وذلك بعد عملية جراحية أجريت لها مؤخرًا في ظهرها.

 

عبد العزيز بوتفليقة رئيس الجزائر

قرر الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة التنحي عن منصبه، في 2 أبريل 2029، بعد الضغط الشعبي الهائل، والاحتجاجات التي استمرت ستة أسابيع، بعد تدهور صحته وعدم قدرته على أداء مهامه الرئاسية، وهيمنة النخبة الحاكمة على مفاصل الدولة، وهو ما أدى إلى تراجع الاقتصاد والأوضاع الاقتصادية في البلد الإفريقي الكبير والغني بالموارد وفي مقدمتها النفط.

وكان رئيس أركان الجيش الجزائري، الفريق أحمد قايد صالح، طالب عقب باتخاذ إجراءات دستورية فورية لعزل بوتفليقة، وهو ما ادى إلى زيادة الضغط عليه وتقديم استقالته في النهاية.

وقدم بوتفليقة الذي كان في حلة شديدة من الهزال والمرض، خطاب استقالته إلى رئيس المجلس الدستوري، في حضور عبد القادر بن صالح رئيس مجلس الأمة الجزائري، والذي تولى إدارة البلاد لمدة 90 يوما، حتى إجراء الانتخابات الرئاسية.

وظل بوتفليقة رمزا وطنيا للجزائر، باعتباره من قدامى محاربي ثورة التحرير والاستقلال عن فرنسا، ووصل إلى السلطة للمرة الأولى عام 1999، بعد انتهاء الحرب الأهلية التي أودت بحياة ما لا يقل عن 200 ألف شخص.

 

روبرت موجابي رئيس زيمبابوي

قدم رئيس زيمبابوي روبرت موجابي استقالته في رسالة مكتوبة أرسلها إلى البرلمان، في 21 نوفمبر 2017 وأعلن وقتها، أنه اتخذ قراره بالتنحي بشكل طوعي بهدف تحقيق انتقال سلس للسلطة.

وظل موجابي متمسكا بالسلطة، رافضا للتنحي، رغم سيطرة الجيش على السلطة واندلاع احتجاجات شعبية قوية، إنهاء حكمه الذي استمر بالحديد والنار أكثر من 37 عاما.

ومن الكلمات الشهيرة التي قالها موجابي وتجسد تمسكه بالسلطة حتى آخر نفس، جملته: "الرب وحده يستطيع إزاحتي من الحكم".

وكان موجابي الذي تحول من بطل للتحرير في بلاده إلى ديكتاتور متسلط، تولى رئاسة الحكومة في البداية عام 1980، بعد نضال طويل ضد نظام الحكم الأبيض برئاسة يان سميث، ثم أصبح في 30 ديسمبر1987 رئيسا للبلاد.

 

جاسيندا أرديرن رئيسة وزراء نيوزيلاندا

قررت رئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا أرديرن ترك السلطة والتخلي طواعية عن منصبها في 19 يناير 2023، عندما أصدرت إعلانا صادما للشعب، بعدم قدرتها على مواصلة قيادة البلاد.

ووقتها قالت أرديرن، وهي تبكي، إنها أمضت أكثر من خمسة أعوام صعبة في رئاسة الوزراء، وإنها مجرد بشر وتحتاج إلى التنحي، لأنها تملك ما يكفي من الطاقة للبقاء في السلطة.

واشتهرت رئيسة وزراء نيوزيلاندا في عام 2017، بعدما أصبحت أصغر رئيسة حكومة في العالم في سن 37، كما أطلقت حملة للدفاع عن حقوق المرأة، والقضاء على فقر الأطفال وعدم المساواة الاقتصادية في البلاد.

 

إيان خاما رئيس بوتسوانا

قرررئيس بوتسوانا إيان خاما، التنحي عن منصبه في الول من أبريل 2018، بعد عشر سنوات قضاها في الحكم، ونقل السلطة إلى نائبه موجويتزي ماسيسي.

وتشتهر بوتسوانا بمناجم الألماس، التي تعد العمود الفقري للاقتصاد، في الدولة الإفريقية، التي اعتبرت لفترة طويلة منارة للديمقراطية، كما شهدت في عهد خاما نموا اقتصاديا ملحوظا.

وخاما من بين الرؤساء الأفارقة القليلين الذين رفضوا بشكل واضح تصرفات رئيس زمبابوي السابق روبرت موجابي، قبل تنحيه عن السلطة، وهو أيضا من بين الرؤساء الأفارقة القليلين الذين اعترفوا بمحكمة العدل الدولية.

واشتهر خاما برفضه دعم الرئيس السوداني السابق عمر البشير، كما تسبب في غضب صيني بسبب دعوته لزعيم إقليم التبت الدلاي لاما لزيارة بلاده.

 

بوريس يلتسين رئيس روسيا

في مفاجأة مثلت زلزالا سياسيا أصاب العالم بشرقه وغربه بالذهول، قرر الرئيس الروسي بوريس يلتسين الاستقالة من منصبه والتخلي عن السلطة طواعية، في ليلة فارقة قبل نهاية القرن العشرين وبداية القرن الواحد العشرين.

ففي يوم 31 ديسمبر 1999، أعلن بوريس يلتسين استقالته من منصبه، وذلك في كلمة التهنئة بعيد رأس السنة التي وجهها الى الشعب الروسي في الدقائق الأخيرة من العام، والتي اعتذر فيها عن فشله في تحقيق أحلام الشعب.

وقال يلتسين وقتها إن سبب تنحيه عن السلطة يعود الى مجموعة من المشاكل المتنوعة، وطلب من الشعب الروسي الصفح عنه ومسامحته عليها.

وأعلن يلتسين عن تعيين فلاديمير بوتين قائما بأعمال رئاسة الجمهورية، ووقع بوتين بعدها أول قراراته، والتني تمثلت في مرسوم يضمن الحصانة للرئيس المتنحي يلتسين وعائلته مدى الحياة.

وكان يلتسين وصل إلى منصبه رئيسا للفيدرالية الروسية بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، وتراجعت روسيا في عهده بشكل غير مسبوق في تاريخها الحديث، حيث اشتهر حكم الرئيس السكير بالفساد وتراجع مستويات المعيشة وتدهور الخدمات وزيادة معدلات البطالة والتضخم، كما سادت الجريمة المنظمة في البلد العملاق والذي كان يوما أحد القوتين العظميين قبل رئاسة يلتسين.

واعتبرت فترة حكم يلتسين من عصور الظلام في التاريخ الروسي الحديث، ووصفه البعض بأن الروس لم يعيشوا مثلها حتى أثناء الاحتلال النازي في فترة  الحرب العالمية الثانية، أو قبل الثورة البلشفية، إبان حكم القياصرة.

 

جمال عبد الناصر رئيس مصر

في يوم 9 يونيو 1967، خرج الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، في خطاب إلى الأمة، يعلن فيه تخليه عن السلطة والعودة إلى صفوف الجماهير كاي مواطن عادي، مثلما قال، وأعلن "ناصر" وقتها تكليف نائبه زكريا محي الدين، بتولي رئاسة الجمهورية خلفا له، ولكن لم تدم فترة رئاسته إلا يومين فقط.

فتنحي عبد الناصر لم يتم، واستقالته لم تقبل من الشعب الذي قدمها له في خطابه الشهير، والذي أعلن فيه تحمل مسؤولية ما حدث في النكسة.

وخرجت الجماهير المصرية والعربية بالملايين في شوارع القاهرة والمحافظات، وفي العديد من المدن العربية، تعلن فيها رفضها لقرار تنحي عبد الناصر، وتجبره على العودة إلى السلطة من جديد، ولكن شريطة مواجهة العدوان الأمريكي الصهيوني، وإزالة آثاره، وبناء الجيش من جديد، وهو ما تحقق بالفعل.

وعاد عبد الناصر إلى رئاسة الجمهورية العربية المتحدة، واتخذ العديد من القرارات والاجراءات، وأبرزها تطهير الجيش والمخابرات والأجهزة الأمنية، وهو ما ساعد على إعادة بناء الجيش ووضع خطة لعبور الذي تحقق في السادس من اكتوبر عام 1973.

 

محمد حسني مبارك رئيس مصر

تنحى محمد حسني مبارك عن السلطة، أو تخلى عنها، يوم 11 فبراير 2011، حسب وصف نائبه في ذلك الوقت اللواء عمر سليمان، بعد قيام ثورة 25 يناير، والتي تصاعدت أحداثها على مدى الـ18 يوما وشهدت نزول الملايين من الشعب المصري إلى ميدان التحرير وميادين مصر في مختلف المحافظات، رفضا لاستمرار نظام مبارك والحزب الوطني.

وأدرك الكثير في تلك الأيام أن رحيل مبارك عن السلطة أصبح مسألة وقت، خاصة بعد اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة، لأول مرة بدون مبارك رأس السلطة، وهو ما كشف عن انحياز القوات المسلحة الواضح للشعب وثورته، ليقرر مبارك في النهاية ترك السلطة، مجبرا، وتسليم السلطة إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة.  

تم نسخ الرابط