الأولى و الأخيرة

تاريخ المجاعات حول العالم

التواطوء الدولى يضع غزة والسودان على قوائم المجاعة في رمضان

موقع الصفحة الأولى

مع بداية شهر رمضان المعظم، تتجه القلوب نحو شعبين مسلمين يعانيان المجاعة بفعل آلة الحرب الدائرة في قطاع غزة والسودان، فقد شهد العالم عددا من المجاعات خلال القرن الماضى، سجلها التاريخ الحديث، كانت شاهدا على قسوة الحياة حينا وإجرام البشر أحيانا كثيرة.

وفى ظل تواطوء دولى من قوى الاستعمار، منع الاحتلال الاسرائيلى، وصول المساعدات الانسانية من الطعام والدواء عن الشعب الفسطينى في قطاع غزة، بينما شردت الحرب الاهلية فى السودان الملايين بالداخل والخارج.
المجاعة بحسب وصف المنظمات الأممية ومراكز البحث، هي جوع شديد طويل الأمد يصيب نسبة كبيرة من السكان في بلد أو منطقة ما، تتسبب في الوفاة نتيجة لارتفاع معدلات سوء التغذية الحادة بين الأفراد.
ويرجع حدوث المجاعات لسببين رئيسيين، الأول ناتج عن الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات والأعاصير والجفاف والبرد غير الموسمي وتفشي الحشرات وأمراض النباتات، وغيرها.
أم الثاني فهو بفعل الحروب التي تأتى في المركز الأول المتسبب والأكثر شيوعا في حدوث المجاعات، إذ ينتج عنها إتلاف للمحاصيل عن قصد أو نتيجة القتال، وكذلك قطع الطرق وتعطيل خطوط الإمداد ومنع وصول الطعام.

مجاعة قطاع غزة 


عانى قطاع غزة من مجاعة  بسبب العدوان الإسرائيلي الذي بدأ في السابع من أكتوبر الماضى، إذ شدد الاحتلال منذ بداية الحرب الحصار الذي كان قد فرضه من قبل

وإضافة إلى تجاوز حصيلة الشهداء جراء القصف والتوغل البري حاجز 
30 ألف شهيد منذ بدء الحرب - أغلبهم من النساء والأطفال- فإن الاحتلال الإسرائيلي قرر فرض حصار خانق واستخدم سلاح التجويع ضد الفلسطينيين في غزة.
وتحت سمع وبصر العالم كله بلغت الأزمة الإنسانية أقصى ذروتها في شمال القطاع ثم امتدت إلى جنوبه، وعانى السكان من النقص الشديد في الغذاء ومياه الشرب وذلك بعد قطع الاحتلال إمدادات المياه ونقص الوقود الذي أدى إلى إغلاق الآبار.
كما أغلقت المخابز بسبب النقص الشديد في الوقود والدقيق، واعتمد سكان القطاع على تناول المعلبات منذ بداية الحرب لسد جوعهم على الرغم من ندرتها، ولجؤوا إلى طحن أعلاف الحيوانات، وحتى هذه الأعلاف نفدت، كما امتد الجوع الشديد إلى الحيوانات وأدى إلى نفوق الكثير منها.
ووفقا لمؤشرات اليونيسيف ومنظمات دولية فإن حوالي 90% من الأطفال دون سن الخامسة في القطاع مصابون بمرض معد أو أكثر، وحذرت من ارتفاع شديد في الوفيات بين الأطفال مع استمرار الحرب.


مجاعة السودان 


منذ منتصف أبريل 2023 اندلع قتال عنيف في السودان بين قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي" وقوات الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان مما أودى بحياة أكثر من 20 ألف شخص وتسبب بنزوح أكثر من 8 ملايين، وهي إحدى عمليات النزوح الكبرى في العالم.
وواجه نحو 25 مليون سودانى خطر المجاعة بسبب نقص الغذاء، وعانى نحو 18 مليون شخص الجوع الحاد وانعدام الأمن الغذائي الحاد، من بينهم 5 ملايين في حالة خطرة.

كما عانى نحو 3.5 ملايين طفل من سوء التغذية، وارتفعت معدلات سوء التغذية ووجد السودانيون أنفسهم على حافة كارثة إنسانية مع مرور الوقت. ودفع سوء الأوضاع إلى تفشي الأمراض المعدية والأوبئة، وتم الإبلاغ عن تفشي أمراض مثل الملاريا وحمى الضنك والكوليرا.
وحذرت منظمات دولية من تفاقم الأوضاع وتكرار وقوع مجاعة شرسة كتلك التي ضربت السودان في سنوات سابقة.

وفي عام 1998 دفعت الحرب في السودان إلى وقوع مجاعة أدت إلى وفاة الآلاف من السكان.
وواجه أطراف النزاع "الحكومة السودانية والمليشيات المسلحة المعارضة لها" تهما بالمساهمة في تفاقم الأزمة بسبب نهب الغذاء ومنع وصول المساعدات الإغاثية إلى الشعب.
وتعرضت البلاد لموجة جفاف شرسة وتأخر هطول الأمطار واشتدت المجاعة، مما أدى إلى وفاة نحو 70 ألف شخص ونزوح أكثر من 72 ألفا من المناطق الريفية.
وفي السنة نفسها، قدرت الأمم المتحدة أن نحو 2.5 مليون شخص في جنوب السودان معرضون لخطر المجاعة.
وفي عام 2017 أعلنت منظمة الأغذية والزراعة "الفاو" ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" وبرنامج الأغذية العالمي، أن أجزاء من جنوب السودان تعاني من مجاعة شديدة جراء الحرب الأهلية والصراع المستمر في المنطقة والأزمات الاقتصادية المتوالية وارتفاع أسعار الغذاء وانخفاض الإنتاج الزراعي وارتفاع نسب التضخم، التي تجاوزت نسبة 800%.


مجاعة روسيا 1912


بدأت المجاعة نتيجة لكارثة طبيعية بفعل الجفاف الشديد، لكن مشاركة روسيا في أوائل القرن العشرين في الحرب العالمية الأولى وعدد من الحروب الأهلية دفع إلى تفاقم الوضع ووقوع مجاعة شديدة.
ونتج عن الحرب التي استمرت 4 سنوات "1914-1918"، الإضرار بالممتلكات وفرض حصار اقتصادي والاستيلاء القسري على الأراضي الزراعية والمحاصيل بمقابل زهيد يعطى للمزارعين.
وأدت هذه التداعيات إلى انخفاض معدلات الإنتاج ونقص الغذاء بفعل الجفاف الشديد، إذ بلغت المجاعة ذروتها، وأودت بحياة 5 ملايين من السكان.


مجاعة الشام 1915


أصابت مجاعة الشام خلال الحرب العالمية الأولى، وخاصة مناطق واسعة من سوريا، والتي كانت تشمل ولاية حلب وبيروت وسكان جبل لبنان.
صادرت الحكومة الأملاك والأراضي الزراعية والمحاصيل لخدمة المجهود الحربي، كما فر الكثير من المزارعين الشباب من أراضيهم هربا من الخدمة العسكرية.
وأودت المجاعة بحياة ما يقرب من ثلث سكان جبل لبنان وما بين 60 ألفا و80 ألف نسمة في مدينة حلب.


مجاعة البنجال 1943


تعد مجاعة البنجال واحدة من أسوأ الكوارث في الهند وجنوب آسيا في القرن العشرين، وكانت الهند حينها تحت الحكم البريطاني.
عقب سقوط ميانمار وسنغافورة في أيدي اليابان خلال الحرب العالمية الثانية عام 1942، توقفت صادرات الأرز من هاتين الدولتين.
وتسبب الإعصار الذي حدث في أكتوبر 1942 في إتلاف محصول الأرز، وبعد ذلك توقفت واردات الأرز من ميانمار إلى الهند، وكانت تمثل نسبة 15%، إضافة إلى فقدان صادرات الأرز من البنجال إلى سريلانكا.
وعلى الرغم من كل ذلك فإن تلك الأسباب لم تدفع بشكل أساسي إلى حدوث مجاعة البنغال في الهند البريطانية، إذ كان المحصول كافيا للشعب البنجالي، لكن ظروف الحرب هي التي دفعت إلى تحول الوضع إلى مجاعة كارثية.
فقد خزنت القوات الاستعمارية البريطانية المواد الغذائية لتزويد القوات المقاتلة بها خوفا من الغزو الياباني، كما صدرت القوارب والعربات والأفيال، مما أضر بالصيادين والعمال ومنعهم من استئناف تجارتهم التي تمثل مصدر دخل رئيسي لهم.
كل هذه السياسات أضرت بالبلاد وأدت إلى ارتفاع نسب التضخم بصورة كبيرة إلى جانب فشل الحكومة في توفير المساعدات الإغاثية، مما دفع إلى وقوع مجاعة كارثية أثرت على أكثر من 58% من الأسر الريفية.
واستمرت هذه المجاعة 8 أشهر وامتدت آثارها عدة أشهر أخرى، وأودت بحياة حوالي 3 ملايين شخص نتيجة لسوء التغذية وتفشي الأمراض والأوبئة.

 

مجاعة المغرب 1944


وقعت المجاعة إبان الاستعمار الفرنسي للمغرب الذي نهب خيرات البلاد، وسميت هذه السنة "عام الجوع"، لأن الاستعمار فرض التزود بالمواد الغذائية عبر قسائم شراء محدودة. واستمرت المجاعة عاما كاملا.
فرض الاستعمار نظام الحماية على البلاد وارتكب أبشع الجرائم بحق المغاربة، واستنزف ثروات البلاد وسخرها لصالح المجهود الحربي، ووضع ملكية الأراضي الزراعية في يد المستعمرين الفرنسيين، وفرض سياسة التقشف على أصحاب الأراضي الأصليين.
ولم تكن حصص التموين التي فرضها الاستعمار تسد حاجة الناس، ودفع هذا الوضع كثيرين في عدة مناطق إلى أكل بعض الحشائش والنباتات وكذا الجراد. وخلفت هذه المجاعة نحو 50 ألف قتيل وأورثت أمراضا وأوبئة.

مجاعة فيتنام 1945


دخل الجيش الياباني فيتنام الشمالية والوسطى عام 1940 باتفاق مع الاستعمار الفرنسي، مما أدى إلى خضوع فيتنام لاستعمار مزدوج.
خلال الاستعمار الفرنسي كان الجوع يصيب فيتنام، ولكن لم يصل إلى ذروته إلا بدخول الاستعمار الياباني، الذي دفع إلى وقوع مجاعة شديدة أصابت نحو 32 مقاطعة.
عام 1945 دمر الاستعمار الياباني مزارع الأرز لصالح زراعة نبات الجوت العشبي وإنتاج مواد تخدم جيشه على حساب الشعب الفيتنامي، كما خزن اليابانيون الأرز للاستهلاك المحلي واستخدامه وقودا لمحطات الطاقة.
وأدت المجاعة في فيتنام إلى وفاة نحو مليوني شخص وفق تقديرات محلية، بينما تقدر وثائق دولية عدد الضحايا بمليون شخص، أي ما نحو 8% من إجمالي السكان.

مجاعة الصومال 1992


تعد الصومال من أكثر الدول عرضة للمجاعات بشكل مستمر، نظرا لطبيعة مناخها الجاف والصحراوي وندرة سقوط الأمطار، مما يدفع إلى نفوق الكثير من المواشي وتلف العديد من المحاصيل الزراعية وقلة توافر المياه في الأنهار والآبار.
لكنها لم تسلم أيضا من تعرضها للمجاعات بفعل الحروب الأهلية المتكررة والصراعات المسلحة، والفوضى المتكررة في البلاد، مما يحول دون إقامة حكومة قوية مستقرة تسهم في وضع إستراتيجية قوية لتنمية البلاد.
ففي عام 1992 وقعت مجاعة تعد من أقسى المجاعات في القرن العشرين، أدخلت الصومال في حرب أهلية قاسية عقب الإطاحة بنظام الرئيس محمد سياد بري على يد أمراء الحرب العشائريين، وسرعان ما انزلقت البلد في مجاعة، ونفقت آلاف المواشي وتفشت الأمراض، ولقي على إثرها نحو 300 ألف شخص مصرعهم.

تم نسخ الرابط